قوله تعالى:
(قال فما بال القرون الأولى (51) قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى (52) الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لهم فيها سبلا وأنزل من المساء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى (53) كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لايات لأولي النهى (54) منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) (55) خمس آيات بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة (مهدا) على التوحيد. الباقون " مهادا " على الجمع، وهو مثل فرش وفراش. ومن قرأ " مهدا " قال ليوافق رؤس الآي. والمعنى " لا يضل ربي ولا ينسى الذي جعل لكم الأرض " مستقرا يمكنكم من التصرف عليها. وقال الزجاج: القرن أهل كل عصر فيهم نبي أو إمام أو عالم يقتدى به، وإن لم يكن واحد منهم لم يسم قرنا.
حكى الله تعالى ما قال فرعون لموسى " ما بال القرون الأولى " وهي الأمم الماضية، وكان هذا السؤال منه معاياة لموسى، فأجابه موسى بأن قال " علمها عند ربي " لأنه لا يخفى عليه شئ من المعلومات. وقوله " في كتاب " اي أثبت ذلك في الكتاب المحفوظ لتعرفه الملائكة. و (الأولى) تأنيث (الأول) وهو الكائن على صفة قبل غيره. فإذا لم يكن قبله شئ، فهو قبل كل شئ، وأراد ذاك على ما في معلوم الله من أمرها، وقيل إنه أراد من يؤدبهم ويجازيهم. وقيل: ان معنى " لا يضل ربي ولا ينسى " اي لا يذهب