التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٨٣
اسحاتا لغتان، قال الفرزدق:
وعض زمان يا ابن مروان لم يدع * من المال إلا مسحتا أو مجلف (1) وينشد (مسحت) بالرفع على معنى لم يدع أي لم يبق. ومن نصب قال أو مجلف، كذلك روي مسحتا ومجلف. وسئل الفرزدق على ما رفعت إلا مسحتا أو مجلف. فقال للسائل على ما يسؤك وينؤك. ويقال: سحت شعره إذا استقصى حلقه. والمعنى إن العذاب إذا أتى من قبل الله أخذهم وأهلكهم عن آخرهم.
وقوله " وقد خاب من افترى " أي انقطع رجاء من افترى الكذب. والخيبة الامتناع على الطالب ما أمل، والخيبة انقطاع الرجاء يقال: رجع بخيبة، وهو إذا رجع بغير قضاء حاجته. وأشد ما يكون إذا أمل خيرا من جهة، فانقلب شرا منها.
وقوله " فتنازعوا أمرهم " معناه اختلفوا فيما بينهم. والتنازع محاولة كل واحد من المختلفين نزع المعنى عن صاحبه، تنازعا في الامر تنازعا، ونازعه منازعة.
وقوله " وأسروا النجوى " أي اخفوها فيما بينهم. قال قتادة: انهم قالوا:
إن كان هذا ساحرا فسنغلبه، وإن كان من السماء، فله أمره. وقال: وهب بن منية: لما قال لها " ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى " قالوا " ما هذا بقول ساحر. وقيل: اسرارهم كان أنهم قالوا: ان غلبنا موسى اتبعناه. وقيل أسروا النجوى دون موسى وهارون بقوله " إن هذين لساحران.... " الآية. وهو قول السدي. وقوله " ان هذان لساحران " قيل فيه أوجه:
أولها - إنه ضعف عمل (إن) لأنها تعمل وليست فعلا لشبهها بالفعل، وليست

(1) مر تخريجه في 3 / 523 وفي ديوان الفرزدق طبع (دار صادر، دار بيروت) 2 / 26 (مجرف) بدل (مجلف) وهو خطأ
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست