التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٧٥
حتى رعيت لشعيب عشر سنين، ويؤكده قوله " فلبثت سنين في أهل مدين " وهي مدينة شعيب " ثم جئت على قدر يا موسى " وقوله " واصطنعتك " أي اصطفيتك وأخلصتك بالألطاف التي فعلتها بك، اخترت عندها الاخلاص لعبادتي. وقوله " لنفسي " أي لتنصرف على إرادتي ومحبتي يقال: اصطنعه يصطنعه اصطناعا، وهو (افتعال) من لصنع، والصنع اتخاذ الخير لصاحبه. ووجه قوله " لنفسي " يعني محبتي، لان المحبة لما كانت أخص شئ بالنفس حنس أن يجعل ما اختص بها مختصا بالنفس على هذا الوجه.
وقوله " اذهب أنت وأخوك بآياتي " أي بعلاماتي وحججي " ولا تنيا " أي لا تفترا، يقال: ونى في الامر يني ونيا إذا فتر فيه، فهو وان ومتوان. وقيل:
معناه لا تضعفا قال العجاج:
فما ونى محمد مذ أن غفر * له إلا له ما مضى وما غبر (1) وقوله " في ذكري. اذهبا إلى فرعون انه طغى " أي عتا وخرج عن الحد في المعاصي " فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " معناه ادعواه إلى الله والى الايمان به وبما جئتما به، على الرجاء والطمع، لا على اليأس من فلاحه. فوقع التعبد لهما على هذا الوجه، لأنه أبلغ في دعائه إلى الحق، بالحرص الذي يكون من الراجي للامر. وقال السدي: معنى قوله " فقولا له قولا لينا " أي كنياه. وقيل: انه كانت كنية فرعون أبا الوليد. وقيل: أبا مرة. قيل: معناه وقراه وقارباه. وقوله " لعله يتذكر " معناه ليتذكر " أو يخشى " معناه أو يخاف. والمعنى أنه يكون أحدهما إما التذكر أو الخشية. وقيل المعنى على رجائكما أو طمعكما، لأنهما لا يعلمان هل يتذكر أولا. و (لعل) للترجي إلا أنه يكون لترجي المخاطب تارة ولترجي المخاطب أخرى

(1) مر تخريجه في 6 / 344 من هذا الكتاب
(١٧٥)
مفاتيح البحث: الخوف (1)، اليأس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست