التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٧٥
ثبورا واحد وادعوا ثبورا كثيرا (14) قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا (15) لهم فيها ما يشاؤن خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا) (16) ست آيات.
يقول الله تعالى مخبرا عن حال هؤلاء الكفار الذين وصفهم وذكرهم بأنهم كفروا بالله وجحدوا البعث والنشور، أنهم لم يكفروا لأنك تأكل الطعام وتمشي في الأسواق، بل لأنهم لم يقروا بالبعث والنشور، والثواب والعقاب، وهو معنى قوله " بل كذبوا بالساعة " يعني بالقيامة، وما فيها من الثواب والعقاب.
ثم اخبر تعالى انه أعد " لمن كذب بالساعة سعيرا " و (اعتدنا) أصله أعددنا فقلبت احدى الدالين تاء، لقرب مخرجهما. و (السعير) النار الملتهبة، يقال: أسعرتها اسعارا، واستعرت استعارا، وتسعرت تسعرا، وسعرها الله تسعيرا. والأسعار تهيج النار بشدة الايقاد.
ثم وصف تلك النار المستعرة، فقال " إذا رأتهم من مكان بعيد " ونسب الرؤية إلى النار - وإنما هم يرونها - لان ذلك أبلغ، كأنها تراهم رؤية الغضبان الذي يزفر غيظا، فهم يرونها على تلك الصفة، ويسمعون منها تلك الحال الهائلة. و (التغيظ) انتفاض الطبع لشدة نفور النفس. والمعنى صوت التغيظ من التلهب والتوقد. وقال الجبائي: معناه " إذا رأتهم " الملائكة الموكلون بالنار " سمعوا لها " للملائكة " تغيظا وزفيرا " للحرص على عذابهم. وهذا عدول عن ظاهر الكلام مع حسن ظاهره وبلاغته من غير حاجة داعية ولا دلالة صارفة. وإنما شبهت النار بمن له تلك الحال، وذلك في نهاية البلاغة.
وقوله " وإذا ألقوا " يعني الكفار " منها " يعني من النار " مكانا ضيقا " أي
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»
الفهرست