والثاني - انه لا يعتد بما يخلقه العبد في جنب ما خلقه الله، لكثرة ذلك وقلة ما يخلقه العبد.
ويحتمل أن يكون المراد قدر كل شئ، لان أفعال العباد مقدرة لله، من حيث بين ما يستحق عليها فاعلها من الثواب والعقاب أولا يستحق شيئا من ذلك. ويقوي ذلك قوله (فقدره تقديرا) لان المعنى فيه، وكل شئ على مقدار حاجتهم إليه وصلاحه لهم.
ثم اخبر تعالى عن الكفار، فقال (واتخذوا من دون الله آلهة) من الأصنام والأوثان، ووجهوا عبادتهم إليها من دون الله. ثم وصف آلهتهم بما ينبئ أنها لا تستحق العبادة، بأن قال (لا يخلقون شيئا) ولا يقدرون عليه، وهم مع ذلك مخلوقون، ومصرفون، وانهم (لا يملكون) أي لا يقدرون (لأنفسهم) على ضر ولا على نفع (ولا يملكون) أي لا يقدرون على موت، ولا على حياة، ولا على بعث بعد الموت. والنشور هو البعث بعد الموت، يقال: نشر الميت، فهو ناشر نشورا، وانشره الله انشارا، ومنه قوله (ثم إذا شاء أنشره) (1) وجميع ذلك يختص الله بالقدرة عليه، والعبادة تستحق بذلك، لأنها أصول النعم، ثم أخبر عن الكفار بأنهم يقولون: ليس هذا القرآن الذي أنزلناه (إلا إفك) يعني كذب افتعله النبي صلى الله عليه وآله (واعانه عليه قوم آخرون) قال الحسن: قالوا أعانه عليه عبد حبشي يعني الحضرمي. وقال مجاهد: قالوا أعانه عليه اليهود.
ثم حكى تعالى عنهم بأنهم قالوا ذلك و (جاؤوا) في هذا القول (ظلما وزورا) أي جاؤوا بظلم، فلما حذف الباء نصبه أي انهم أضافوه إلى غير من صدر عنه، وكذبوا فيه.