إنما يخاطبون بذلك المؤمنين المقرين بنبوته، ليصرفوهم عنه. ومعنى (مسحورا) انه قد سحر. والسحر ما خفي سببه حتى يظن أنه معجز. فقال الله لنبيه صلى الله عليه وآله (انظر كيف ضربوا لك الأمثال) يعني الأشباه، لأنهم قالوا تارة: هو مسحور. وتارة مثلوه بالمحتاج المتروك، حتى تمنوا له الكنز. وتارة بأنه ناقص عن القيام بالأمور، وكل ذلك جهل منهم وذهاب عن وجه الصواب. فقال الله تعالى (فضلوا) بضرب هذه الأمثال عن طريق الحق (فلا يستطيعون سبيلا) معناه لا يستطيعون طريقا إلى الحق، مع تمسكهم بطريق الجهل وعدولهم عن الداعي إلى الرشد. وقيل معناه (لا يستطيعون سبيلا) إلى ابطال امرك.
ثم قال تعالى (تبارك الذي) أي تقدس وتعاظم الله الذي (ان شاء جعل لك خيرا من ذلك) يعني مما قالوه - في قول مجاهد - ثم فسر (ذلك) فقال الذي هو خير مما قالوه (جنات تجري من تحتها الأنهار. ويجعل لك قصورا) وهو جمع قصر، وهو البيت المشيد المبني - في قول مجاهد - وسمي القصر قصرا، لأنه يقصر من فيه عن أن يوصل إليه. ومن جزم " يجعل " عطفا على موضع (جعل)، لأنه جواب الشرط. ومن رفع استأنف. وكان يجوز النصب على الظرف (1).
قوله تعالى:
(بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا (11) إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا (12) وإذا ألقوا منا مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا (13) لا تدعوا اليوم