التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٨٠
ولا نصرا " قال مجاهد: يعني بذلك، فما يستطيع هؤلاء الكفار صرف العذاب عن أنفسهم، ولا نصر أنفسهم من عذاب الله تعالى. وقيل: معناه فما يستطيعون لك يا محمد صرفا عن الحق، ولا نصر أنفسهم من البلاء الذي هم فيه، من التكذيب لك.
وليس: ما يستطيعون نصرا من بعض لبعض. ومن قرأ - بالتاء - خاطبهم بذلك بتقدير قل لهم.
ثم قال تعالى " ومن يظلم منكم " نفسه بارتكاب المعاصي وجحد آيات الله " صرفه " في مقابلة ذلك جزاء عليه " عذابا كبيرا " أي عظيما.
ثم خاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وآله فقال " وما أرسلنا قبلك " يا محمد " من المرسلين إلا انهم ليأكلون الطعام " مثلك " ويمشون في الأسواق " طلبا للمعايش، كما تطلبها (؟؟؟)، وهو جواب لقولهم " ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق " (1) وكسرت (إن) في قول " الا انهم " لأنه موضع ابتداء، كأنه قال: إلا هم يأكلون الطعام، كما تقول: ما قدم علينا أمير الا إنه مكرم لي، ولا يجوز أن تكون مكسورة لاحل اللام، لان دخولها وخروجها واحد في هذا الموضع. وقال قوم (من) محذوفة والتقدير إلا من أنهم ليأكلون الطعام نحو " وما منا إلا له مقام معلوم " (2) اي الا من له مقام معلوم، ذكره الفراء. وقال الزجاج: هذا لا يجوز، لان قوله " انهم ليأكلوا الطعام " صلة (من) ولا يجوز حذف الموصول وبقاء الصلة، ومثل الآية قول الشاعر:
ما أعطياني ولا سألتهما * إلا وأني لحاجز كرمي (3) وقوله " وجعلنا بعضكم لبعض فتنة " قال الحسن: معناه يقول هذا الأعمى:
لو شاء لجعلني بصيرا مثل فلان، ويقول هذا الفقير: لو شاء لجعلني غنيا مثل فلان

(1) سورة 25 الفرقان آية 7 (2) سورة 37 الصافات آية 164 (3) البيت في مجمع البيان 4 / 163
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»
الفهرست