وأصيلا (5) قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما) (6) ست آيات.
معنى تبارك: تقدس وجل، بما لم يزل عليه من الصفات، ولا يزال كذلك، ولا يشاركه فيها غيره. وأصله من بروك الطير على الماء، فكأنه قال: ثبت فيما لم يزل ولا يزال الذي نزل الفرقان على عبده. وقال ابن عباس: تبارك (تفاعل) من البركة، فكأنه قال ثبت بكل بركة أو حل بكل بركة. وقال الحسن: معناه الذي تجئ البركة من قبله، والبركة الخير الكثير. والفرقان هو القرآن، سمي فرقانا لأنه يفرق به بين الصواب والخطأ، والحق والباطل في أمور الدين، بما فيه من الوعظ والزجر عن القبائح والحث على افعال الخير.
ثم بين تعالى انه إنما نزل هذا القرآن، وغرضه أن يكون نذيرا للعالمين، أي مخوفا وداعيا لهم إلى رشدهم، وصارفا لهم عن غيهم وضلالتهم، يقال: أنذره إنذارا إذا دعاه إلى الخير، بأن يخوفه من تركه: إذا كان غافلا عنه، وقال ابن زيد: النذير هو النبي صلى الله عليه وآله. وقال آخرون: هو القرآن.
ثم وصف تعالى (الذي نزل الفرقان) بأنه (الذي له ملك السماوات والأرض) والتصرف فيهما، بسعة مقدورة بسياستها. وانه (لم يتخذ ولدا) كما يدعيه النصارى في أن المسيح ابن الله، ويزعم جماعة من العرب أن الملائكة بنات الله. وأنه ليس له شريك في الملك، بل هو المالك لجميع ذلك وحده، وانه (خلق كل شئ) وقيل في معناه قولان:
أحدهما - ان كل شئ يطلق عليه اسم مخلوق، فإنه خلقه، لان أفعالنا لا يطلق عليها اسم الخلق حقيقة، لان الخلق يفيد الاختراع، وإنما يسمونا بذلك مجازا.