قوله تعالى:
(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون (56) لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأويهم النار ولبئس المصير) (57) آيتان بلا خلاف.
قرأ حفص وابن عامر وحمزة " لا يحسبن " بالياء. الباقون بالتاء. فمن قرأ - بالياء - فموضع (الذين) رفع. ومن قرأ - بالتاء - فموضعه نصب، و (معجزين) المفعول الثاني، والمفعول الثاني لمن قرأ - بالياء - قوله " في الأرض ". وقال أبو علي:
المفعول الثاني على هذه القراءة محذوف، وتقديره: ولا يحسبن الذين كفروا إياهم معجزين. وقال الأخفش: من قرأ - بالياء - يجوز أن يكون (الذين) في موضع نصب، على تقدير لا يحسبن محمد الذين، فيكون محمد الفاعل.
امر الله تعالى في الآية الأولى جميع المكلفين بإقامة الصلاة وايتاء الزكاة اللذين أوجبهما عليهم وان يطيعوا الرسول فيما يأمرهم به ويدعوهم إليه، ليرحموا جزاء على ذلك، ويثابوا بالنعم الجزيلة.
ثم قال " لا تحسبن " يا محمد أي لا تظنن " الذين كفروا معجزين في الأرض " اي لا يفوتوني. ومن قرأ - بالياء - قال تقديره: لا يظنن من كفر أنه يفوتني، ويعجزني أي مكان ذهب في الأرض.
ثم اخبر تعالى: ان مأوى الكافرين ومستقرهم النار، عقوبة لهم على كفرهم وانها بئس المرجع وبئس المستقر والمأوى. وإنما وصفها بذلك لما ينال الصائر إليها من العذاب والآلام والشدائد، وإن كانت من فعل الله وحكمته صوابا.