التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٥٥
الصالحات، بأن يستخلفهم في الأرض، ومعناه يورثهم أرض المشركين من العرب والعجم (كما استخلف الذين من قبلهم) يعني بني إسرائيل بأرض الشام بعد اهلاك الجبابرة بأن أورثهم ديارهم وجعلهم سكانها. وقال الجبائي: (استخلف الذين من قبلهم) يعني في زمن داود وسليمان. وقال النقاش: يريد بالأرض أرض مكة، لان المهاجرين سألوا ذلك، والأول قول المقداد بن الأسود، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (لا يبقى على الأرض بيت مدر، ولا وبر إلا ويدخله الاسلام بعز عزيز أو ذل ذليل). وفي ذلك دلالة على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وآله لأنه أخبر عن غيب وقع مخبره على ما أخبر، وذلك لا يعلمه إلا الله تعالى (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) يعني يمكنهم من إظهار الاسلام الذي ارتضاه دينا لهم (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) أي نصرهم بعد أن كانوا خائفين بمكة وقت غلبة المشركين آمنين بقوة الاسلام وانبساطه.
ثم اخبر عن المؤمنين الذين وصفهم بأنهم يعبدون الله تعالى وحده لا يشركون بعبادته سواه من الأصنام والأوثان وغيرهما. ويجوز أن يكون موضعه الحال.
ويجوز أن يكون مستأنفا.
ثم قال (ومن كفر بعد ذلك) يعني بعد الذي قصصنا عليك ووعدناهم به (فأولئك هم الفاسقون) وإنما ذكر الفسق بعد الكفر مع أن الكفر أعظم من الفسق، لاحد أمرين:
أحدهما - انه أراد الخارجين في كفرهم إلى أفحشه، لان الفسق في كل شئ هو الخروج إلى اكبره.
الثاني - أراد من كفر تلك النعمة بالفساد بعدها، فسق وليس يعني الكفر بالله، ذكره أبو العالية.
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»
الفهرست