بخلاف ما وصف خصمه الذي ذكره في الآية الأولى.
ثم قال تعالى (ومن يطع الله ورسوله) بان يفعل ما أمره به ويبادر إليه (ويخشى الله ويتقه) بأن يخاف عقابه، فيجتنب معاصيه، فان من هذه صفته من الفائزين. و (الفوز) اخذ الحظ الجزيل من الخير، تقول: فاز يفوز فوزا، فهو فائز. وسميت المهلكة مفازة تفاؤلا، فكأنه قيل: منجاة.
ثم أخبر تعالى عن جماعة من المنافقين بأنهم " أقسموا بالله جهد أيمانهم " أي حلفوا به أغلظ أيمانهم، وقدر طاقتهم " لئن امرتهم " يا محمد بالخروج " ليخرجن " يعني إلى الغزو، فقال الله تعالى لهم " لا تقسموا " أي لا تحلفوا " طاعة معروفة " وقيل: في معناه قولان:
أحدهما - هذه طاعة معروفة منكم يعني بالقول دون الاعتقاد. أي إنكم تكذبون ذكره مجاهد.
والثاني - طاعة وقول معروف أمثل من هذا القسم، والقول المعروف هو المعروف صحته. فان ذلك خير لكم من هذا الحلف.
ثم اخبر تعالى بأنه " خبير " أي عالم " بما تعملون " لا يخفى عليه شئ على أي وجه توقعون أفعالكم، فيجازيكم بحسبها. وفى ذلك تهديد. ثم قال " فان تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم " أي تتولوا، فحذفت التاء، وليس كقوله " فان تولوا فإنما هم في شقاق " (1) لان الأول مجزوم، وهو للمخاطبين، لأنه قال " وعليكم ما حملتم " ولو كان لغير المخاطبين، لقال وعليهم، كما قال " فان تولوا فإنما هم في شقاق " وكان يكون في موضع نصب لأنه بمنزلة قولك: فان قاموا، والجزاء يصلح فيها لفظ المستقبل والماضي من (فعل يفعل) كما قال (فان فاؤا فان الله) (2). وقوله (فان