نصب جعله بدلا من قوله " ثلاث مرات " وإنما أبدل " ثلاث عورات " وليس بزمان من (ثلاث مرات) وهي زمان، لأنه مشتمل على زمان من حيث إن التقدير:
أوقات ثلاث عورات، فلما حذف المضاف أقام المضاف إليه مقامه.
و (العورات) جمع عورة، وحكم ما كان على وزن (فعلة) من الأسماء أن تحرك العين منه، نحو صفحة وصفحات، وجفنة وجفنات إلا أن عامة العرب يكرهون تحريك العين فيما كان عينه واوا أو ياء، لأنه كان يلزمه الانقلاب إلى الألف، فاسكنوا لذلك، فقالوا عورات وجوزات وبيضات. وقرأ الأعمش - بفتح الواو - من (عورات) ووجهه ما حكاه المبرد أن هذيلا يقولون في جمع جوزة وعورة ولوزة:
جوزات، وعورات، ولوزات، فيحركون العين فيها، وأنشد بعضهم:
أبو بيضات رائح متأوب * رفيق بمسح المنكبين سبوح (1) فحرك الياء من بيضات، والأجود عند النحويين ما ذكرناه.
هذه الآية متوجهة إلى المؤمنين بالله المقرين برسوله، يقول الله لهم: مروا عبيدكم واماءكم أن يستأذنوا عليكم إذا أرادوا الدخول إلى مواضع خلواتكم. وقال ابن عباس وأبو عبد الرحمن: الآية في النساء والرجال من العبيد. وقال ابن عمر: هي في الرجال خاصة. وقال الجبائي: الاستئذان واجب لي كل بالغ في كل حال، ويجب على الأطفال في هذه الأوقات الثلاثة بظاهر هذه الآية. وقال قوم: في ذلك دلالة على أنه يجوز أن يؤمر الصبي الذي يعقل، لأنه أمره بالاستئذان. وقال آخرون: ذلك أمر للآباء أن يأخذوا الأولاد بذلك، فظاهر الآية يدل على وجوب الاستئذان ثلاث مرات في ثلاث أوقات من ساعات الليل والنهار. ثم فسر الأوقات فقال " من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء " الآخرة