التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٥١
ثم قال تعالى منكرا عليهم " أفي قلوبهم مرض " أي شك في قلوبهم، وسمي الشك مرضا، لأنه آفة تصد القلب عن ادراك الحق، كالآفة في البصر تصد عن ادراك الشخص، وإنما جاء على لفظ الاستفهام، والمراد به الانكار، لأنه أشد في الذم والتوبيخ أي ان هذا كفر، قد ظهر حتى لا يحتاج فيه إلى البينة، كما جاز في نقيضه على طريق الاستفهام، لأنه أشد مبالغة في المدح، كما قال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا * واندى العالمين بطون راح (1) فقال الله تعالى " أفي قلوبهم مرض " أي شك في النبي " أم ارتابوا " بقوله وبحكمه (أم يخافون أن يحيف الله ورسوله عليهم) أي يجور عليهم، والحيف الجور بنقض الحق، ويحيف عليهم: يظلمهم، لأنه لا وجه للامتناع عن المجئ إلا أحد هذه الثلاثة.
ثم اخبر تعالى فقال: ليس لشئ من ذلك، بل لأنهم الظالمون نفوسهم وغيرهم، والمانعون لهم حقوقهم، وإنما افرد قوله (ليحكم بينهم) بعد قوله (إلى الله ورسوله)، لأنه حكم واحد يوقعه النبي صلى الله عليه وآله بأمر الله.
قوله تعالى:
(إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون (51) ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون (52) وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروقة إن الله خبير بما تعملون (53) قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول

(1) قائله جرير، ديوانه (دار بيروت) 77
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست