ما يشاء إن الله على كل شئ قدير) (45) آية بلا خلاف.
قرا حمزة والكسائي وخلف (والله خالق) على وزن (فاعل). الباقون (خلق) على فعل ماض. من قرأ (خالق) فلقوله (خالق كل شئ) (1) ومن قرأ خلق، فلانه فعل ذلك فيما مضى، ولقوله (ألم تر ان الله خلق السماوات) (2) وقوله (خلق كل شئ فقدره تقديرا) (3).
اخبر الله تعالى انه خالق كل شئ يدب من الحيوان من ماء. ثم فصله فقال منهم من يمشي على بطنه كالحياة والسمك والدود، وغير ذلك. ومنهم من يمشي على رجلين كالطير وابن آدم، وغير ذلك، ومنهم من يمشي على أربع كالبهائم والسباع وغير ذلك. ولم يذكر ما يمشي على أكثر من أربع، لأنه كالذي يمشي على أربع في مرءى العين، فترك ذكره، لان العبرة تكفي بذكر الأربع. وقال البلخي:
لان عند الفلاسفة أن ما زاد على الأربع لا يعتمد عليها. واعتماده على الأربع فقط، وإنما قال (من ماء) لان أصل الخلق من ماء، ثم قلب إلى النار، فخلق الجن منه، وإلى الريح فخلق الملائكة منه، ثم إلى الطين فخلق آدم (ع). ودليل أن أصل الحيوان كله الماء قوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شئ حي) (4) وإنما قال منهم تغليبا لما يعقل على ما لا يعقل إذا اختلط في خلق كل دابة. وقيل (من ماء) أي من نطفة، ذكره الحسن، وجعل قوله (كل دابة) خاصا، فيمن خلق من نطفة.
وقوله (يخلق الله ما يشاء) أي يخترع ما يشاء، وينشئه من الحيوان،