التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٤٦
صلاته، يعني دعاءه إلى توحيده، وتسبيحه، وتنزيهه عما لا يليق به. وقال مجاهد:
الصلاة للانسان، والتسبيح لكل شئ. وقيل: كل قد علم صلاته أي صلاة نفسه، وتسبيح نفسه، فيكون الضمير في علم ل‍ (كل)، وعلى الأول يعود على اسم الله، والأول أجود، لأن هذه الأشياء كلها لا يعلم كيفية دلالتها غير الله. وإنما الله تعالى عالم بذلك، ويقويه قوله " والله عليم بما يفعلون " أي عالم بأفعالهم، لا يخفى عليه شئ منها، فيجازيهم بحسبها.
ثم اخبر تعالى فقال " ولله ملك السماوات والأرض "، والملك المقدور الواسع لمن يملك السياسة والتدبير، فملك السماوات والأرض لا يصح إلا لله وحده لا شريك له، لأنه لا يقدر على خلق الأجسام غيره، وليس مما يصح أن يملكه العبد، لأنه لا يمكنه أن يصرفه أتم التصريف، فالملك التام، لا يصح الا لله تعالى.
وقوله " والى الله المصير " اي إليه المرجع يوم القيامة، إلى ثوابه أو عقابه.
ثم قال " ألم تر " اي ألم تعلم (ان الله يزجي سحابا) أي يسوق سحابا إلى حيث يريده، ومنه زجا الخراج إذا انساق إلى أهله وازجاه فلان أي ساقه " ثم يؤلف بينه " أي بين بعضه وبعض، لان لفظ سحاب جمع، واحده سحابة، وهو كقولهم: جلس بين النخل، لان لفظ بين لا تستعمل إلا في شيئين فصاعدا.
وقوله " ثم يجعله ركاما " وهو المتراكب بعضه فوق بعض " فترى الودق " يعني المطر، يقال: ودقت السحابة، تدق ودقا إذا أمطرت قال الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها * ولا ارض ابقل إبقالها (1) " يخرج من خلاله " فالخلال جمع خلل. وقوله " وينزل من السماء من جبال فيها من برد " معنى (من) الأولى، لابتداء الغاية، لان (من السماء) ابتداء

(1) مر تخريجه في 1 / 216 و 5 / 361
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»
الفهرست