وقوله (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا) أي لا تدخلوا إذا قيل لكم: لا تدخلوا، فان ذلك (أزكى لكم) اي أطهر (والله بما تعملون عليم) أي عالم بأعمالكم لا يخفى عليه شئ منها.
ثم قال (ليس عليكم جناح) أي حرج وإثم (ان تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم) أي منافع. وقيل: في معنى هذه البيوت أربعة أقوال:
أحدها - قال قتادة: هي الخانات، فان فيها استمتاعا لكم من جهة نزولها، لا من جهة الأثاث الذي لكم فيها.
والثاني - قال محمد بن الحنفية: هي الخانات التي تكون في الطرق مسبلة.
ومعنى (غير مسكونة) اي لا ساكن لها معروف.
والثالث - قال عطاء: هي الخرابات للغائط والبول.
والرابع - قال ابن زيد: هي بيوت التجار التي فيها أمتعة الناس.
وقال قوم: هي بيوت مكة. وقال مجاهد: هي مناخات الناس في أسفارهم يرتفقون بها. وقال قوم: هي جميع ذلك حملوه على عمومه لان الاستئذان إنما جاء لئلا يهجم على ما لا يجوز من العورة. وهو الأقوى، لأنه أعم فائدة.
وقوله (والله يعلم ما تبدون وما تكتمون) اي لا يخفى عليه ما تظهرونه، ولا ما تكتمونه، لأنه عالم بجميع ذلك.
ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله فقال (قل) يا محمد (للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) عن عورات النساء وما يحرم النظر إليه. وقيل: العورة من النساء ما عدا الوجه والكفين والقدمين، فأمروا بغض البصر عن عوراتهن، ودخلت (من) لابتداء الغاية. ويجوز أن تكون للتبعيض، والمعنى أن يطرق وإن لم يغمض. وقيل: العورة من الرجل العانة إلى مستغلظ الفخذ من أعلى الركبة، وهو العورة من الإماء، قالوا: