التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٩٣
منها. ومعنى ذلك انهم إذا ذكروا المنكر من القول - الشرك - ذكرت الحجة في مقابلته وذكرت الموعظة التي تصرف عنه إلى ضده من الحق، على وجه التلطف في الدعاء إليه، والحث عليه، كقول القائل: هذا لا يجوز، وهذا خطأ، وعدول عن الحسن.
وأحسن منه أن يوصل بذكر الحجة والموعظة كما بينا. وقال الحسن: " بالتي هي أحسن " الاغضاء والصفح. وقيل: هو خطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به الأمة، والمعنى إدفع الافعال السيئة بالافعال الحسنة التي ذكرها.
وقوله " نحن اعلم بما يصفون " معناه نحن اعلم منهم بما يستحقون به من الجزاء في الوقت الذي يصلح الاخذ بالعقوبة إذا انقضى الأجل المضروب بالامهال. ثم قال له " قل " يا محمد، وادع فقل يا " رب أعوذ بك من همزات الشياطين " أي نزغاتهم ووساوسهم، فمعنى (أعوذ) اعتصم بالله من شر الشياطين، في كل ما يخاف من شره. والمعاذة هي التي يستدفع بها الشر، والهمزات دفعهم بالاغواء إلى المعاصي، والهمز شدة الدفع. ومنه الهمزة: الحرف الذي يخرج من أقصى الحلق باعتماد شديد.
والعياذ طلب الاعتصام من الشر " وأعوذ بك رب أن يخضرون " هؤلاء الشياطين فيوسوسون لي ويغووني عن الحق.
وقوله " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون " اخبار من الله تعالى عن أحوال هؤلاء الكفار، وانه إذا حضر أحدهم الموت، وأشرف عليه سأل الله عند ذلك و " قال رب ارجعون " أي ردني إلى دار التكليف " لعلي أعمل صالحا " من الطاعات وأتلافى ما تركته، وإنما قال " رب ارجعون " على لفظ الجمع لاحد أمرين:
أحدهما - انهم استعانوا أولا بالله، ثم رجعوا إلى مسألة الملائكة بالرجوع إلى
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست