التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٨٨
أول مرة) (1) ثم قال له " قل " يا محمد لهم أيضا " من رب السماوات السبع " أي من مالكها والمتصرف فيها؟ ولولاه لبطل كل شئ سواه، لأنه لا يصح إلا مقدوره أو مقدور مقدوره، فقوام كل ذلك به، ولا تستغني عنه طرفة عين لأنها ترجع إلى تدبيره على ما يشاء (عز وجل) وكذلك هو تعالى " رب العرش العظيم " وإنما وجب أن يكون رب السماوات والعرش، من حيث كانت هذه الأشياء جميعها محدثة، لا بدلها من محدث اخترعها وأنشأها، ولابد لها من مدبر يدبرها ويمسكها، ويصرفها على ما تتصرف عليه، ولابد أن يختص بصفات: من كونه قادرا عالما لنفسه ليتأتى منه جميع ذلك، على ما دبره. ولولا كونه على هذه الصفات، لما صح ذلك.
ثم اخبر أنهم يقولون في الجواب عن ذلك رب السماوات ورب العرش هو " الله " ومن قرأ بلا ألف فمعناه انهم يقولون إنها " لله " فعند ذلك " قل " لهم " أفلا تتقون " الله، ولا تخافون عقابه على جحد توحيده والاشراك في عبادته؟!
ثم أمره بان يقول لهم أيضا " من بيده ملكوت كل شئ " والملكوت عظم الملك ووزنه (فعلوت) وهو من صفات المبالغة نحو (جبروت) ومن كلامهم (رهبوت خير من رحموت) أي ترهب خير من أن ترحم. وقال مجاهد: ملكوت كل شئ خزائن كل شئ، والمعنى أنه قادر على كل شئ إذا صح أن يكون مقدورا له.
وقوله " وهو يجير " معناه أنه يعيذ بالمنع من السوء، لما يشاء " ولا يجار عليه " أي لا يمكن منع من أراده بسوء منه. وقيل " هو يجير " من العذاب " ولا يجار عليه " منه. والإجارة الإعاذة، والجار المجير المعيذ، وهو الذي يمنعك ويؤمنك ومن استجار بالله أعاذه، ومن أعاذه الله لم يصل إليه أحد. فإنهم " سيقولون الله " الذي له

(1) ما بين القوسين ساقط من المطبوعة.
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست