الله تعالى (ان الذي فرض عليك القرآن) أي انزل. وارتفع (سورة) على تقدير هذه (سورة) إلا أنه حذف على تقدير التوقع لما ينزل من القرآن. والسورة المنزلة الشريفة قال الشاعر:
ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب (2) فسميت السورة من القرآن بذلك لهذه العلة. والفرض هو التقدير - في اللغة - وفصل بينه وبين الواجب، بأن الفرض واجب بجعل جاعل، فرضه على صاحبه، كما أنه أوجبه عليه، والواجب قد يكون واجبا من غير جعل جاعل، كوجوب شكر المنعم، فجرى مجرى دلالة الفعل على الفاعل في أنه يدل من غير جعل جاعل كما تجعل العلامة الوضعية، إلا أن الله تعالى لا يوجب على العبد الا ما له صفة الوجوب في نفسه، كما لا يرغب الا في ما هو مرغوب في نفسه.
وقوله (أنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون) فمعنى (الآيات) الدلالات على ما يحتاج إلى علمه مما قد بينه الله في هذه السورة، ونبه على ذلك من شأنها لينظر فيه طالب العلم ويفوز ببغيته منه، والتقدير، وفرضنا فرائضها. وأضاف الفرائض إلى السورة، وهي بعضها، لدلالة الكلام عليه، لأنها مفهومة منها و (بينات) معناه ظاهرات واضحات. وقوله (لعلكم تذكرون) معناه لكي تذكروا الدلائل التي فيها، فتكون حاضرة لكم لتعملوا بموجبه وتلتزموا معانيه.
قوله تعالى:
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة