التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٨٩
ملكوت كل شئ وهو يجير ولا يجار عليه. فقل لهم عند ذلك " أنى تسحرون " ومعناه كيف يخيل إليكم الحق باطلا، والصحيح فاسدا، مع وضوح الحق وتمييزه عن الباطل. ومن قرأ (الله) باثبات الألف، فلانه يطابق السؤال في قوله (من رب السماوات السبع ورب الأرض... ومن بيده ملكوت كل شئ) لان جواب ذلك على اللفظ أن يقولوا (الله). ومن قرأ " لله " باسقاط الألف، حمله على المعنى دون اللفظ، كقول القائل لمملوك: من مولاك؟ فيقول انا لفلان، وانشد الفراء لبعض بني عامر:
واعلم انني سأكون رمسا * إذا سار النواعج لا يسير فقال السائلون لمن حفرتم * فقال المخبرون لهم وزير (1) لأنه بمنزلة من قال: من الميت؟ فقالوا له: وزير، وذكر أنها في مصاحف أهل الأمصار بغير الف، ومصحف أهل البصرة فإنها بألف. (2) فأما الأولى فلا خلاف أنها بلا ألف لمطابقة السؤال في قول (قل لمن الأرض) والجواب يقتضي أن يقولوا: لله. وإنما أخبر الله تعالى عنهم، بأنهم يقولون في جواب السؤال: لله، لأنهم لو أحالوا على غير الله في أنه مالك السماوات والأرض، وأن غيره بيده ملكوت كل شئ وأن غيره رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، لظهر كذبهم. ولعلم كل أحد بطلان قولهم، لظهور الامر في ذلك. وقربه من دلائل العقول.
وقوله (فأنى تسحرون) أي كيف تعمهون عن هذا، وتصدون عنه، من قولهم: سحرت أعيننا عن ذلك، فلم نبصره. وقيل معنى ذلك: فأنى تخدعون، كقول امرئ القيس:

(1) تفسير الطبري 18 / 32 (2) وفي المخطوطة (في مصاحف أهل الشام بغير الف وفى مصاحف أهل الأمصار بالألف)
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست