التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٩٦
قرابة في الولادة.
وقوله " ولا يتساءلون " معناه لا يسأل بعضهم بعضا عن خبره وحاله، كما كانوا في الدنيا، لشغل كل واحد منهم بنفسه. وقيل: لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل عنه من ذنوبه شيئا. ولا يناقض ذلك قوله " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " (1) لان هناك مواطن، فمنها ما يشغلهم من عظيم الامر الذي ورد عليهم عن المسألة، ومنها حال يفيقون فيها فيتساءلون. وقال ابن عباس: قوله " فإذا نفخ في الصور، يعني النفخة الأولى التي يهلك عندها الخلق، فلا أحد يبقى، ولا نسب هناك ولا تساؤل.
وقوله (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) فذلك عند دخولهم الجنة، فإنه يسأل بعضهم بعضا، وهو قول السدي.
وقوله " فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون " اخبار منه تعالى أن من عظمت طاعاته وسملت من الاحباط - في قول من يقول بذلك - ومن لا يقول بالاحباط فمعناه عندهم: إن من كثرت طاعاته، وهو غير مستحق للعقاب، فان أولئك هم المفلحون الفائزون.
" ومن خفت موازينه " بأن يكون أحبطت طاعاته، لكثرة معاصيه. ومن لا يقول بالاحباط، قال: معناه من لم يكن معه شئ من الطاعات وإنما معهم المعاصي، لان الميزان إذا لم يكن فيه شئ يوصف بالخفة، كما يوصف بالخفة إذا كان فيه شئ يسير في مقابلته ما هو أضعافه، فان من هذه صورته (فأولئك الذين خسروا أنفسهم) لأنهم أهلكوها بالمعاصي التي استحقوا بها العقاب بالدائم، وهم (في جهنم) مؤبدون (خالدون).
وقال الحسن والجبائي وغيرهما: هناك ميزان له كفتان ولسان. واختلفوا:

(1) سورة 37 الصافات آية 27
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست