الأمور أقبح الاختلاط ولا يوثق بوعد، ولا وعيد، ولا يؤمن انقلاب عدل الحكيم. وهذا معنى عجيب. وقال قوم من المفسرين: إن الحق - في الآية - هو الله والتقدير: ولو اتبع الحق أعني الله أهواء هؤلاء الكفار، وفعل ما يريدونه لفسدت السماوات والأرض. وقال الجبائي: المعنى لو اتبع الحق - الذي هو التوحيد - أهواءهم في الاشراك معه معبودا سواه، لوجب أن يكون ذلك المعبود مثلا له ولصح بينهما الممانعة، فيؤدي ذلك إلى الفساد، كما قال تعالى " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (1).
والهوى ميل النفس إلى المشتهى من غير داعي الحق، كما قال تعالى " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى " (2)، فلا يجوز لاحد أن يفعل شيئا لأنه يهواه. ولكن يفعله لأنه صواب، على أنه يهواه أو لأنه يهواه مع أنه صواب حسن جائز. وقال أبو صالح. وابن جريج: الحق هو الله، وقال الجبائي معنى " ولو اتبع الحق أهواءهم " فيما يعتقدون من الآلهة " لفسدت السماوات والأرض " كقوله " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ".
وقوله " بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ". قال ابن عباس:
معنى الذكر البيان الحق. وقال غيره: الذكر الشرف. كقوله " وانه لذكر لك ولقومك " (3) ولك ذلك يراد به القران.
ثم قال " أم تسألهم " يا محمد " خرجا " أي اجرا على العمل - في قول الحسن - وأصل الخرج والخراج واحد، وهو الغلة التي تخرج على سبيل الوظيفة منه.
ومنه خراج الأرض، وهما مصدران لا يجمعان. ثم قال " فخراج ربك " أي أجر ربك " خير وهو خير الرازقين " يعني الله خير من يرزق. وفى ذلك دلالة على أن