التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٨٣
الأمور أقبح الاختلاط ولا يوثق بوعد، ولا وعيد، ولا يؤمن انقلاب عدل الحكيم. وهذا معنى عجيب. وقال قوم من المفسرين: إن الحق - في الآية - هو الله والتقدير: ولو اتبع الحق أعني الله أهواء هؤلاء الكفار، وفعل ما يريدونه لفسدت السماوات والأرض. وقال الجبائي: المعنى لو اتبع الحق - الذي هو التوحيد - أهواءهم في الاشراك معه معبودا سواه، لوجب أن يكون ذلك المعبود مثلا له ولصح بينهما الممانعة، فيؤدي ذلك إلى الفساد، كما قال تعالى " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (1).
والهوى ميل النفس إلى المشتهى من غير داعي الحق، كما قال تعالى " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى " (2)، فلا يجوز لاحد أن يفعل شيئا لأنه يهواه. ولكن يفعله لأنه صواب، على أنه يهواه أو لأنه يهواه مع أنه صواب حسن جائز. وقال أبو صالح. وابن جريج: الحق هو الله، وقال الجبائي معنى " ولو اتبع الحق أهواءهم " فيما يعتقدون من الآلهة " لفسدت السماوات والأرض " كقوله " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ".
وقوله " بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ". قال ابن عباس:
معنى الذكر البيان الحق. وقال غيره: الذكر الشرف. كقوله " وانه لذكر لك ولقومك " (3) ولك ذلك يراد به القران.
ثم قال " أم تسألهم " يا محمد " خرجا " أي اجرا على العمل - في قول الحسن - وأصل الخرج والخراج واحد، وهو الغلة التي تخرج على سبيل الوظيفة منه.
ومنه خراج الأرض، وهما مصدران لا يجمعان. ثم قال " فخراج ربك " أي أجر ربك " خير وهو خير الرازقين " يعني الله خير من يرزق. وفى ذلك دلالة على أن

(1) سورة 21 لأنبياء آية 22 (2) سورة 79 النازعات آية 41 (3) سورة 43 الزخرف آية 44
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست