جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم (63) آيتان في الكوفي والمدني، وآية في البصري.
هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وآله يقول له: " ان يريدوا " يعني الكفار. وقيل هم بنو قريظة، ومعناه ان قصدوا بالصلح خديعتك. والخديعة اظهار المحبوب في الامر للاستجابة له مع إبطان خلافه: خدع خدعا وخديعة واختدعه اختداعا وتخادع له تخادعا. وانخدع انخداعا. وقوله " فان حسبك الله " معناه، فان الله كافيك يقال: أعطاني ما احسبني اي كفاني. واصله الحساب، وإنما أعطاه بحساب ما يكفيه. وقوله " هو الذي أيدك بنصره " وبالمؤمنين " فالتأييد التكمين من الفعل على أتم ما يصح فيه، تقول: أيده تأييدا وتأيد تأيدا. والأيد القوة. والمعنى ان الله قواه بالنصر من عنده، بالمؤمنين الذين ينصرونه على أعدائه. وقوله " وألف بين قلوبهم " والتأليف الجمع على تشاكل، فلما جمعت قلوبهم على تشاكل فيما تحبه وتنازع إليه كانت قد ألفت، ولذلك قيل: هذه الكلمة تأتلف مع هذه، ولا تأتلف. والمراد بالمؤمنين الأنصار وبتأليف قلوبهم ما كان بين الأوس والخزرج من العداوة والقتال، هذا قول أبي جعفر عليه السلام والسدي وبشر بن ثابت الأنصاري وابن إسحاق. وقال مجاهد: هو في كل متحابين في الله. وإنما كان الجمع على المحبة تأليفا بين القلوب، لأنه مأخوذ من الألفة وهي الاجتماع على الموافقة في المحبة، ولا يجوز في الجمع على البغضاء ان يمسى بذلك. وقوله " لو أنفقت ما في الأرض جميعا " فالانفاق اخراج الشئ عن الملك. والمعنى " لو أنفقت ما في الأرض جميعا " لتجمعهم على الألفة ما تم لك ذاك، ولكن الله الف بينهم بلطف من ألطافه وحسن تدبيره، وبالاسلام الذي هداهم الله إليه. ونصب " جميعا " على الحال.
وقوله " انه عزيز حكيم " معناه قادر لا يمتنع عليه شئ يريد فعله " حكيم عليم " لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة فعلى ذلك جمع قلوبهم على الألفة.