هذا الخبر الذي ذكره حق من عند الله. ولكن أكثر الناس لا يعلمون صحته وصدقه لجهلهم بالله وجحدهم نبوة نبيه صلى الله عليه وآله. وروي أن الحسن قرأ (في مرية) بضم الميم، وهي لغة أسد وتميم، وأهل الحجاز يكسرون الميم وعليه القراء.
قوله تعالى:
ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين (18) آية قال الحسن معنى قوله " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا " لا أحد أظلم منه إلا أنه خرج مخرج الاستفهام مبالغة في أنه أظلم لنفسه من كل ظالم، وإنما كان المفتري على الله كذبا أظلم من كل ظالم، لأنه يجحد نعم الله ولا يشكرها. وقوله " أولئك يعرضون على ربهم " اخبار منه تعالى أن من هذه صفته يعرض على الله يوم القيامة. والعرض إظهار الشئ بحيث يرى للتوقيف على حاله يقال: عرضت الكتاب على فلان، وعرض الجند على السلطان، ومعنى العرض على الله أنهم يقفون في المقام الذي يرى العباد، وقد جعله الله تعالى للمطالبة بالاعمال فهو بمنزلة العرض في الحقيقة، لأنهم لا يخفون عليه في حال من الأحوال بل هو تعالى يراهم حيث كانوا. وقوله " ويقول الاشهاد " يعني الملائكة والأنبياء والعلماء، يشهدون بما كان منهم من الكذب عليه تعالى. وقيل: هو جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب، وقيل: جمع شهيد كشريف وأشراف. وقوله " ألا لعنة الله على الظالمين " تنبيه من الله تعالى لخلقه بأن لعنته على الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بادخال الضرر عليها وعلى غيرهم بادخال الآلام عليهم. ولعنة الله إبعاده من رحمته.