التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٦
قوله تعالى:
قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون (68) آية الذين أضافوا اتخاذ الولد طائفتان: إحداهما - كفار قريش والعرب، فإنهم قالوا: الملائكة بنات الله. والأخرى - النصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله، فكذب الله الفريقين. ولا يجوز اتخاذ الولد على الله على وجه التبني، كما لا يجوز عليه اتخاذ إله على التعظيم، لأنه لما استحال حقيقته عليه استحال مجازه المبني عليها. وحقيقة الولد من ولد على فراشه أو خلق من مائه، ولذلك لا يقال: تبنى الشاب شيخا، ولا تبنى الانسان بهيمة لما كان ذلك مستحيلا، وهذه الحقيقة مستحيلة فيه تعالى، فاستحال مجازها أيضا. واتخاذ الخليل جائز، لان الخلة اصفاء المودة التي توجب الاطلاع على سره ثقة به. وإن كان مشتقا من الخلة - بفتح الخاء - فهو لافتقاره إليه، لان الخلة هي الحاجة. ويجوز ان يقال المسيح روح الله، لان الأرواح كلها ملك لله. وإنما خص المسيح بالذكر تشريفا له بهذا الذكر كما خص الكعبة بأنها بيت الله، وان كانت الأرض كلها لله تعالى.
وقوله " وسبحانه هو الغني " تنزيه من الله تعالى نفسه عن اتخاذ الولد لكونه غير محتاج إلى ذلك، لأنه مالك ما في السماوات والأرض. وقوله " ان عندكم من سلطان بهذا " إخبار منه أنه ليس مع هؤلاء الذين يتخذون مع الله ولدا برهان ولا حجة، لان السلطان هو البرهان الظاهر، ووبخهم على قولهم ذلك فقال " أتقولون على الله ما لا تعلمون " لان من أقدم على الاخبار عما لا يعلم صحته ولا يأمن كونه كذبا مقبح عند العقلاء.
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»
الفهرست