التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٢٥
على الجزاء. والثاني - أن تكون صلة مؤكدة، وقوله " فمنهم من يقول " الضمير عائد على المنافقين في قول الحسن والزجاج، والتقدير فمن المنافقين من يقول بعضهم لبعض على وجه الانكار " أيكم زادته هذه ايمانا " وقال الجبائي: يقول المنافقون لضعفة المؤمنين على وجه الاستهزاء. فأخبر الله تعالى انه متى نزلت سورة من القرآن قال المنافقون على وجه الاستهزاء والانكار " أيكم زادته هذه ايمانا " ثم قال تعالى " فاما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا " المعنى ازدادوا عندها ايمانا. وإنما أضافه إلى السورة لان عندها ازداوا، فوجه زيادة الايمان انهم يصدقون بأنها من عند الله ويعترفون بذلك ويعتقدونه وذلك زيادة اعتقاد على ما كانوا معتقدين له. وقوله " وهم يستبشرون " جملة في موضع الحال، وتقديره انهم يزدادون الايمان عندها مستبشرين بذلك فرحين بما لهم في ذلك من السرور والثواب. والزيادة ضم الشئ إلى جنسه لأنك لو ضممت حجرا إلى ذهب لم تكن زدت، ولو ضممت ذهبا إلى ذهب أو حجرا إلى حجر لكنت زدته.
قوله تعالى:
وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون (126) آية.
لما بين الله تعالى ان المؤمنين يزدادون الايمان عند نزول السورة بين ان الذين في قلوبهم مرض يعني شك ونفاق من الاسلام يزدادون عند ذلك رجسا إلى رجسهم اي نفاقا وكفرا إلى كفرهم، لأنهم يشكون في هذه السورة كما يشكون في الذي تقدم، فكان ذلك هو الزيادة. وسمي الشك في الدين مرضا، لأنه فساد يحتاج إلى علاج كالفساد في البدن الذي يحتاج إلى مداواة. ومرض القلب أعضل وعلاجه أعسر ودواؤه أعز وأطباؤه أقل. والرجس والنجس واحد. وسمي الكفر رجسا على وجه الذم، وأنه يجب تجنبه كما يجب تجنب الأنجاس. وإنما أضاف الزيادة إلى
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست