التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٤٩
أحدهما أنه لما كان رضى رسول الله رضى الله ترك ذكره، لأنه دال عليه والتقدير والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه كما قال الشاعر:
نحن بما عندك وأنت بما * عندك ارض والرأي مختلف (1) والثاني - أنه لا يذكر على طريق المجمل مع غيره تعظيما له بافراد الذكر المعظم بما لا يجوز إلا له، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله لمن سمعه يقول: من أطاع الله ورسول هدى (ومن يعصمه فقد غوى) وإنما أراد ما قلناه.
قوله تعالى:
ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم (64) آية.
يقول الله تعالى على وجه التهديد والتقريع والتوبيخ لهؤلاء المنافقين " ألم يعلموا " أي أو ما علموا " انه من يحادد الله " اي يتجاوز حدود الله التي أمر المكلفين ان لا يتجاوزوها، فالمحادة مجاوزة الحد بالمشاقة ومثله المباعدة. والمعنى مصيرهم في حد غير حد أولياء الله. فالمخالفة والمحادة والمجانبة والمعاداة نظائر في اللغة.
وإنما قال: لمن لا يعلم " ألم يعلموا " لاحد أمرين: أحدهما - على وجه الاستبطاء لهم والتخلف عن علمه. والاخر - انه يجب ان تعلموا الان هذه الأخبار . وقال الجبائي: معناه ألم يخبرهم النبي صلى الله عليه وآله بذلك.
وقوله " فإن لم نار جهنم خالدا فيها " يحتمل أن يكون على التكرير، لان الأولى للتأكيد مع طول الكلام، وتقديره فله نار جهنم أو فان له نار جهنم.
قال الزجاج: ولو قرئ (فان) بكسر الهمزة على وجه الاستئناف كان جائزا، غير أنه لم يقرأ به أحد. وقوله " ذلك الخزي العظيم " معناه ذلك الذي ذكرناه

(1) انظر 1 / 172. و 5 / 211
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست