التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٤٧
خير، لان الرحمة من الخير وإنما خص تشريفا، كما قال " اقرأ باسم ربك الذي خلق " ثم قال " خلق الانسان من علق " (1) وإن كان قوله تعالى " خلق " عم الانسان وغيره. والبعد بين الجار وما عطف عليه لا يمنع من العطف ألا ترى ان من قرأ " وقيله يا رب " إنما جعله عطفا على " وعنده علم الساعة " (2) وعلم قيله.
وروي ان الأعمش قرأ قل " اذن خير ورحمة " وهي قراءة ابن مسعود.
اخبر الله تعالى في هذه الآية ان من جمله هؤلاء - المنافقين الذين وصفهم وذكرهم - من يؤذي النبي صلى الله عليه وآله والأذى هو ضرر ربما تنفر منه النفس في عاجل الامر وانهم يقولون هو اذن يعنون النبي صلى الله عليه وآله. ومعنى (اذن) انه يصغي إلى كل أحد فيقبل ما يقوله - في قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك - وقيل أصله من اذن إذا استمع على ما بيناه قال عدي بن زيد:
أيها القلب تعلل بددن * ان همي في سماع واذن (3) وقيل السبب في ذلك: ان قوما من المنافقين تكلموا بما أرادوه، وقالوا ان بلغه اعتذرنا إليه، فإنه اذن يسمع ما يقال له، فقال الله تعالى " قل " يا محمد " اذن خير لكم " لا اذن شر، وليس بمعنى أفعل. وإنما معناه أذن صلاح ولو رفع خيرا لكان معناه أصلح، وهي قراءة الحسن والأعشى والبرجمي. وإنما قال بعد ذلك " يؤمن بالله " لان معناه انه لايمانه بالله يعمل بالحق فيما يسمع من غيره. وقيل يصغي إلى الوحي من قبل الله.
وقوله " ويؤمن للمؤمنين " قال ابن عباس: معناه ويصدق المؤمنين. وقيل دخلت اللام كما دخلت في قوله " درف لكم " (4) وتقديره ردفكم، واللام مقحمة ومثله " لربهم يرهبون " (5) ومعناه يرهبون ربهم. واللام مقحمة.

(1) سورة 96 العلق 2.
(2) سورة 43 الزخرف آية 88، 85 (3) اللسان (اذن) وأمالي المرتضى 1 / 33 وتفسير الطبري 14 / 325 (4) سورة 27 النمل آية 72 (5) سورة 7 الأعراف آية 153.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست