التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٤٣
الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون (60) آية.
اخبر الله تعالى في هذه الآية ان هؤلاء المنافقين الذين طلبوا منك الصدقات وعابوك بها لو رضوا بما أعطاهم الله ورسوله " وقالوا " مع ذلك " حسبنا الله " اي كفانا الله وانه سيعطينا الله من فضله وانعامه ويعطينا رسوله مثل ذلك وقالوا " انا إلى الله راغبون " والجواب محذوف والتقدير لكان خيرا لهم وأعود عليهم وحذف الجواب في مثل هذا أبلغ لأنه لتأكيد الخبر به استغنى عن ذكره.
قوله تعالى:
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم (61) آية.
اخبر الله تعالى في هذه الآية انه ليست الصدقات التي هي زكاة الأموال إلا للفقراء والمساكين ومن ذكرهم في الآية.
واختلفوا في الفرق بين الفقير والمسكين، فقال ابن عباس والحسن وجابر وابن زيد والزهري ومجاهد: الفقير المتعفف الذي لا يسأل، والمسكين الذي يسأل، ذهبوا إلى أنه مشتق من المسكنة بالمسألة. وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى فيغنيه ولا يسأل الناس إلحافا) وقال قتادة: الفقير ذو الزمانة من أهل الحاجة. والمسكين من كان صحيحا محتاجا. وقال قوم: هما بمعنى واحد إلا أنه ذكر بالصفتين لتأكيد امره قال الشاعر:
انا الفقير كانت حلوبته * وفق العيال فلم يترك له سبد (1)

(1) اللسان (وفق). الحلوبة: الناقة التي تحلب (وفق العيال) على قدر حاجتهم و (السبد) كناية عن القليل وأصله الوبر وهو الشعر الضعيف.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست