وكما قال تعالى " حتى يلج الجمل في سم الخياط " (2) وجه ذلك - ههنا - أنه كما لا يشاء الله عبادة الأصنام والقبائح - لان ذلك لا يليق بحكمته - فكذلك لا أعود في ملتكم. وقال قوم: فيه وجه رابع، وهو أن الهاء في قوله " فيها " راجعة إلى القرية، وكأنه قال: وما يكون لنا أن نعود في قريتكم غانمين لكم ظاهرين عليكم بعد إذ نجانا الله منها بخروجنا منها سالمين إلا أن يشاء الله أن ينصرنا عليكم ويشاء منا الرجوع فيها.
وقوله " وسع ربنا كل شئ علما " نصب (علما) على التمييز.
وقيل في وجه اتصال ذلك بما قبله قولان:
أحدهما - أن الملة إنما يتعبد بها على حسب ما في معلومه من مصلحة العباد بها، فهو تعالى لا يخفى عليه ذلك.
والثاني - أنه عالم بما يكون منا من عود أو ترك دوننا.
ثم حكى عن شعيب أنه قال لهم " على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق " سؤال من شعيب ورغبة منه إليه تعالى أن يحكم بينه وبين قومه بالحق، والفتح القضاء. ومعنى افتح إقض - في قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي - والحاكم الفاتح والفتاح، وفاتحته في كذا قاضيته. وإنما قيل ذلك، لأنه يفتح باب العلم الذي انغلق على غيره.
وقوله " بالحق " فيه وجهان:
أحدهما - سؤال الله ما يجوز عليه، كما قال في موضع آخر " رب احكم بالحق " (3).
والاخر - ما ينكشف به لمخالفينا أنا على الحق من انزال العذاب عليهم، وقال الفراء: أهل عمان يسمون الحاكم الفتاح، قال الشاعر: