التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٧٢
بلى نحن كنا أهلها فأبادنا * صروف الليالي والجدود العواثر (1) وإنما أعيد ذكر (الذين) دفعة ثانية من غير كناية لتغليظ الامر في تكذيبهم شعيبا مع بيان أنهم الذين حصلوا على الخسران، لا من نسبوه إلى ذلك من أهل الايمان.
و (هم) في قوله " هم الخاسرون " فصل، ويسميه الكوفيون عمادا، وإنما دخل الفصل مع أن المضمر لا يوصف، لأنه يحتاج فيه إلى التوكيد ليتمكن معناه في النفس، وان الذي بعده من المعرفة لا يخرجه ذلك من معنى الخبر، وإن كان الأصل في الخبر النكرة.
وهذه الآية جواب لقولهم " لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون " فبين الله في هذه الآية أن الخاسرين هم الذين كذبوه لا الذين اتبعوه قوله تعالى:
فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين (92) آية بلا خلاف.
هذا إخبار من الله تعالى عما فعل شعيب (ع) مع قومه لما أبلغهم رسالات ربه تعالى، فلما لم يقبلوها وأقاموا على تكذيبه وجحد ما أتى به، أنه تولى عنهم ومعناه أعرض عنهم إعراض آيس منهم، فنزل بهم العذاب " فتولى عنهم " لأنه كان مقبلا عليهم بالوعظ والدعاء إلى الحق، فلما تمادوا في غيهم وأخذهم الله ببأسه تولى عنهم، وإنما قال لمن هلك " لقد أبلغتكم رسالات ربي " لان معناه إن ما نزل بكم من البلاء وإن كان عظيما، فهو حق، لأنه بجنايتكم على أنفسكم، فلا ينبغي أن يحزن عليهم للأمور التي ذكرناها من شأنهم. قال ابن إسحاق عزى نفسه عنهم بعد أن كان حزن عليهم.

(1) قيل: إنه لعمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو. وقيل: هو للحارث الجرهمي اللسان (حجن).
(٤٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 ... » »»
الفهرست