استعمل مصدرا على هذا المعنى وصفة، كما جرى ذلك في العدل، قال الله تعالى " ذلك بأن الله هو الحق " (1) فجرى على طريق الوصف.
وقوله " فمن ثقلت موازينه " فالثقل عبارة عن الاعتماد اللازم سفلا ونقيضه الخفة، وهي اعتماد لازم علوا، ومثلت الاعمال بهما لما ذكر من المقارنة. والمعنى ان من كانت طاعاته أكثر، فهو من الفائزين بثواب الله.
ومن قلت طاعاته " فأولئك الذين خسروا أنفسهم " بأن استحقوا عذاب الأبد جزاء على ما كانوا يظلمون أنفسهم بجحود آياتنا وحجتنا.
وقوله " موازينه " فالموازين جمع ميزان، وأصله من الواو، وقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. ولم يقلب في (خوان) لتحركها وأنها لم تجر على فعل لها. والخسران ذهاب رأس المال، ومن أعظم رأس المال النفس، فإذا أهلك نفسه بسوء عمله، فقد خسر نفسه. وظلمهم بآيات الله مثل كفرهم بها وجحدهم إياها.
قوله تعالى:
ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون (9) آية بلا خلاف.
روى خارجة عن نافع همز (معايش) وروي ذلك عن الأعمش، وعبد الرحمن الأعرج. الباقون غير مهموز.
وعند جميع النحويين أن (معايش) لا يهمز، ومتى همز كان لحنا، لان الياء فيها أصلية، لأنه من عاش يعيش، ولم يعرض فيها علة كما عرض في (أوائل) وهي في مدينة) زائدة علة لا تدخلها الحركة كما لا تدخل الألف، ومثله (مسألة، ومسائل، ومنارة ومنائر، ومقام ومقاوم) قال الشاعر:
واني لقوام مقاوم لم يكن * جرير ولا مولى جرير يقومها