وقوله " أو هم قائلون " قال الفراء: واو الحال مقدرة فيه، وتقديره أو " وهم قائلون " وإنما حذفت استخفافا. وقال الزجاج وجميع البصريين لا يحتاج إلى ذلك، لأنه يستغني برجوع الذكر عن الواو، كما يقال: جاءني زيد راجلا أو هو فارس، أو جاءني زيد هو فارس لم يحتج إلى واو، لان الذكر قد عاد على الأول.
فمعنى الآية ان الله أهلك أهل قريات كثيرة بتمردهم في المعاصي، وحذر من أن يعمل مثل عملهم فينزل بالعامل مثل ما نزل بهم.
قول تعالى:
فما كان دعويهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين (4) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى انه لم يكن دعاء هؤلاء الذين أهلكهم عقوبة على معاصيهم وكفرهم في الوقت الذي جاءهم بأس الله، وهو شدة عذابه، ومنه البؤس شدة الكفر. والبئس الشجاع لشدة بأسه، وبئس من شدة الفساد الذي يوجب الذم. " الا أن قالوا انا كنا ظالمين " يعني اعترافهم بذلك على نفوسهم واقرارهم به، وكان هذا القول منهم عند معاينة البأس واليقين بأنه نازل بهم، ويجوز أن يكون قالوه حين لابسهم طرف منه، لم يهلكوا منه، و (دعواهم) خبر كان واسمها " ان قالوا " وهو بمعنى قولهم " وهما معرفتان يجوز ان يجعل كل واحد منهما اسما والاخر خبرا، كما قال " ما كان حجتهم الا ان قالوا " (1) بالرفع، والنصب، وإنما قد الخبر على الاسم، لان الثاني وقع موقع الايجاب، والأول موقع النفي، والنفي أحق بالخبر.
والدعوى، والدعاء واحد. وفرق قوم بينهما بأن في الدعوى اشتراكا