ظلموا الصيحة " (3) وقوله " فمن جاءه موعظة " (4). ومن وحد " مكانتكم " فلانه مصدر، والمصادر في الأكثر لا تجمع. ومن جمع فلأنها قد تجمع كقولهم: الحلوم والأحلام.
قال أبو عبيدة " مكانتكم " أي على حيالكم. وقال أبو زيد: رجل مكين عند السلطان من قوم مكناء، وقد مكن مكانة، كأنه قال: اعملوا على قدر منزلتكم وتمكنكم من الدنيا، فإنكم لن تضرونا بذلك شيئا.
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله ان يخاطب المكلفين من قومه ويأمرهم بأن يعملوا على مكانتهم، والمكانة الطريقة يقال: هو يعمل على مكانته ومكينته أي طريقته وجهته. وقال ابن عباس والحسن: على ناحيتكم. وقال الجبائي:
على حالتكم. وقال الزجاج: يجوز أن يكون المراد على تمكنكم، وهذا وإن كان صيغته صيغة الامر فالمراد به التهديد كما قال " اعملوا ما شئتم " (5) وإنما جاء التهديد بصيغة الامر لشدة التحذير، أي لو امر بهذا لكان يجوز قبول أمره. ووجه آخر - هو ان التقدير " اعملوا على مكانتكم " ان رضيتم بالعقاب أي انكم في منزلة من يؤمر به ان رضيتم بالعقاب، فهذا على التبعيد أن يقيموا عليه، كالتبعيد أن يرضوا. ووجه ثالث هو ان الضرر يخص المقيم على المنكر، لان غيره بمنزلة الامن في أنه لا يأمره بما يضره.
وقوله " اني عامل " إخبار من الرسول انه عامل بما امر الله تعالى به.
وقوله " فسوف تعلمون " فيه تهديد، ومعناه فسوف تعلمون جزاء اعمالكم.
وقوله " من تكون " يحتمل موضع (من) أمرين من الاعراب:
أحدهما - الرفع وتقديره أينا يكون له عاقبة الدار.
والثاني - النصب بقوله " يعلمون " ويكون بمعنى الذي.