وإنما قال: ان عاقبة الدار للمؤمنين دون الكافرين وإن كان الكفار أيضا لهم عاقبة من حيث يصيرون إلى العقاب المؤبد وهي للمؤمنين من حيث يصيرون إلى النعيم الدائم، كما يقول العرب: لهم الكرة، ولهم الحملة، لأنه إذا فصل قيل: لهم وعلى أعدائهم.
وقوله " انه لا يفلح الظالمون " أي لا يفوز الظالمون بشئ من الثواب والمنافع، وإنما لم يقل (الكافرون) وإن كان الكلام في ذكرهم لأنه أعم وأكثر فائدة، ولأنه إذا لم يفلح الظالم، فالكافر بذلك أولى، على أن الكافر يسمى ظالما فيجوز أن يكون عنى به انه لا يفلح الظالمون الذين هم الكافرون، كما قال " والكافرون هم الظالمون " (6) وقال (ان الشرك لظلم عظيم " (7).
قوله تعالى:
وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون (136) آية بلا خلاف.
قرأ الكسائي " بزعمهم " بضم الزاي في الموضعين. الباقون بفتحها.
وفي الزعم ثلاث لغات: الفتح والضم، والكسر مثل فتك وفتك وفتك.
وقبل وقبل وقبل. وود وود وود. ولم يقرأ بالكسر أحد. فالفتح لغة أهل الحجاز، والضم لغة تميم، والكسر لغة بعض بني قيس.
اخبر الله تعالى عن الكفار الذين تقدم وصفهم أنهم يجعلون شيئا من أموالهم لله وشيئا لشركائهم تقربا اليهما، من جملة ما خلقه الله واخترعه، لان الذرأ هو الخلق على وجه الاختراع، واصله الظهور، ومنه ملح ذرآني