قد استحقوا العقاب.
ومن استدل بذلك على أنه لا يحسن العقاب الا بعد انفاذ الرسل، فقد أجبنا عن قوله في الآية الأولى.
قوله تعالى:
ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون (132) آية بلا خلاف.
قرأ ابن عامر " عما تعملون " بالتاء. الباقون بالياء.
ومن قرأ بالياء حمله على الغيبة. ومن قرأ بالتاء حمله على الخطاب للمواجهة.
وفي الآية حذف وتقديرها، ولكل عامل بطاعة الله أو معصيته منازل من عمله حتى يجازيه ان خيرا فخيرا، وان شرا فشرا. وما تقدم من ذكر الغافلين يدل على هذا الحذف.
و (قبل. وبعد) بنيتا عند حذف المضاف في مثل قوله " لله الامر من قبل ومن بعد " (3) لأنهما في حال الاعراب لم يكونا على التمكن التام، لأنه لا يدخلهما الرفع في تلك الحال، فلما انضاف إلى هذا النقصان من التمكن بحذف المضاف إليه أخرجا إلى البنأ، وليس كذلك (كل) فاته متمكن على كل حال ولذلك لم يبن.
و (الدرجات) يحتمل أمرين: أحدهما - الجزاء. والثاني - الاعمال فإذا وجهت إلى الجزاء كان تقديره: ولكل درجات جزاء من اجل ما عملوا، وإذا حمل على الاعمال كان تقديره: ولكل درجات أعمال من اعمالهم. وإنما مثل الاعمال بالدرجات ليبين انه وان عم أحد قسميها صفة الحسن، وعم الاخر صفة القبيح، فليست في المراتب سواء، وانه بحسب ذلك يقع الجزاء، فالأعظم من العقاب للأعظم من المعاصي، والأعظم من الثواب للأعظم من الطاعات.