التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٠
وقوله " وما ربك بغافل عما يعملون " إنما ذكره ليعلموا انه لا يفوته شئ منهما ولا من مراتبهما حتى يجازي عليه بما يستحق من الجزاء، وفيه تنبيه وتذكير للخلق في كل أمورهم.
والغفلة ذهاب المعنى عمن يصح ان يدركه. والغفلة عن المعنى والسهو عنه والغروب عنه نظائر، وضد الغفلة اليقظة، وضد السهو الذكر، وضد الغروب الحضور.
قوله تعالى:
وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين (133) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى في هذه الآية بأنه الغني. والغني هو الحي الذي ليس بمحتاج. والغني عن الشئ هو الذي يكون وجود الشئ وعدمه وصحته وفساده عنده بمنزلة واحدة، في أنه لا يلحقه صفة نقص. و " ذو الرحمة " يعني صاحب الرحمة، وهو تعالى بهذه الصفة لرحمته بعباده.
ثم اخبره عن قدرته وانه لو شاء ان يذهب الخلق بأن يميتهم ويهلكهم ويستخلف من بعدهم ما يشاء بان ينشئ بعد هلاكهم كما أنشأهم في الأول من ذرية من تقدمهم. وكذلك ينشئ قوما آخرين من نسلهم وذريتهم، والجواب محذوف والكاف في (كما) في موضع نصب وتقديره ويستخلف من بعدكم ما يشاء مثل ما أستخلفكم. وفي ذلك دلالة على أنه يصح القدرة على ما علم أنه لا يكون لأنه بين انه لو شاء لذهب بهم وأتى بقوم آخرين ولم يفعل ذلك، فدل ذلك على أنه يقدر على ما يعلم أنه لا يفعله.
و (من) في قوله " ويستخلف من بعدكم " للبدل كقولك: أعطيتك من
(٢٨٠)
مفاتيح البحث: الغفلة (1)، السهو (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست