قرأ أهل البصرة وابن عامر وعاصم (حصاده) - بفتح الحا - الباقون بكسرها. وهم لغتان. وقال سيبويه: جاءوا بالمصادر حين أرادوا انتهاء الزمان على مثال (فعال) نحو الضرام الجزاز، والجداد والقطاف والحصاد. وربما دخلت اللغتان في بعض هذا، وكان فيه (فعال وفعال).
لما اخبر الله عن هؤلاء الكفار وعن عظيم ما ابتدعوه وافتروا به على الله وشرعوا من الدين ما لم يأذن الله فيه، عقب ذلك البيان بأنه الخالق لجميع الأشياء فلا يجوز إضافة شئ منها إلى الأوثان، ولا تحليله، ولا تحريمه الا بأذنه، فقال " وهو الذي أنشأ جنات معروشات " والانشاء هو احداث الافعال ابتداء لا على مثال سبق، وهو كالابتداع. والاختراع هو أحداث الافعال في الغير من غير سبب، والخلق هو التقدير والترتيب. والجنات جمع جنة، وهي البساتين التي يجنها الشجر من النخل وغيره. والروضة هي الخضرة بالنبات والزهور المشرقة باختلاف الألوان الحسنة.
وقوله " معروشات وغير معروشات " قيل في معناه قولان:
أحدهما - ما قال ابن عباس والسدي: المعروشات هو ما عرش الناس من الكروم ونحوها، وهو رفع بعض أغصانها على بعض " وغير معروشات " ما يكون من قبل نفسه في البراري والجبال.
والثاني - قال أبو علي يعرشه أي يرفع له حظائر كالحائط. واصله الرفع ومنه قوله تعالى " خاوية على عروشها " (1) يعني على أعاليها، وما ارتفع منها لم يندك فيستوي " بالأرض، ومنه العرش للسرير لارتفاعه.
(ومعرشات) في موضع النصب، لأنها صفة ل (جنات) والنخل والزرع معناه وأنشأ النخل والزرع " مختلفا أكله " يعني طعمه، ونصب مختلفا على الحال، وإنما نصبه على الحال، وهو يؤكل بعد ذلك بزمان، لامرين:
أحدهما - ان معناه مقدرا اختلاف أكله كقولهم: مررت برجل معه صقر