في هذه الآية حذف، وتقديره إن الذين اتخذوا العجل إلها ومعبودا سينالهم غضب، فحذف لدلالة الكلام عليه، وقوله في موضع آخر " فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي " (1).
أخبر الله تعالى في هذه الآية أن الذين اتخذوا العجل إلها وعبدوه من دون الله سينالهم غضب، ومعناه فسيلحقهم، والنول اللحوق وأصله مد اليد إلى الشئ الذي يبلغه، ومنه قولهم: نولك أن تفعل كذا أي ينبغي أن تفعله فإنه يلحقك خيره ونواله. وتقول: ناوله مناولة، وتناول تناولا، وأناله إنالة.
وقوله " غضب من ربهم " يعني عقاب من الله تعالى وإنما ذكر الغضب مع الوعيد بالنار لأنه أبلغ في الزجر عن القبيح، كما أن إرادة الحسنة في الدعاء إليها والترغيب فيها أبلغ من الاقتصار على الوعد بها.
وقوله " وذلة في الحياة الدنيا " بمعنى صغر النفس والإهانة، يقال:
ذل يذل ذلة، أذله إذلالا، وتذلل تذللا، وذلله تذليلا، واستذله استذلالا.
وقيل المراد به ما يؤخذ منهم من الجزية على وجه الصغار.
وقوله " وكذلك نجزي المفترين " إخبار منه تعالى أنه مثل هذا الوعيد والعذاب والغضب يجزي الكاذبين والمتخرصين عليه، وإنما كان عبادة غير الله كفرا لأنه تضييع لحق نعمة الله كتضييعه بالجحد للنعمة في عظم المنزلة، وذلك لما ينطوي عليه من تسوية من أنعم بأجل النعمة بمن لم ينعم، وفى ذلك إبطال لحق النعمة.
قوله تعالى:
والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم (152) آية بلا خلاف.
لما توعد الله تعالى الذين عبدوا مع الله غيره وعطف على وعيدهم توعيد