آمنا وهم لا يفتنون " (2) ومعناه لا ينالهم شدائد الدنيا والأمراض وغيرها، ويحتمل أن يكون المراد بذلك ان هي الا عذابك وقد سمى الله تعالى العذاب فتنة في قوله " يوم هم على النار يفتنون " (3) أي يعذبون، فكأنه قال ليس هذا الاهلاك إلا عذابك لهم بما فعلوه من الكفر وعبادة العجل، وسؤالهم الرؤية، وغير ذلك.
والسبعون الذين كانوا معه وإن لم يعبدوا العجل، فقد كانوا سألوا موسى أن يسأل الله تعالى ان يريه نفسه، ليخبروا بذلك أمته ويشهدوا له بأن الله كلمه، فإن بني إسرائيل قالوا لموسى: لا نصدقك على قولك إن الله كلمك من الشجرة، فاختار السبعين حتى سمعوا كلام الله، وشهدوا له بذلك عند قومه، فسألوا أن يسأل الله الرؤية أيضا ليشهدوا له، فلذلك استحقوا الاهلاك ولم يثبت أن السبعين كانوا معصومين، ولا أنهم كانوا أنبياء، فينتفى عنهم ذلك.
وقيل المراد بقوله " أتهلكنا بما فعل السفهاء منا " أي أتميتنا بالرجفة التي تميتهم بها، وإن لم يكن ذلك عقوبة لنا. والهلاك الموت، لقوله " إن أمرؤ هلك " (4) والفتنة الكشف والاختبار، قال المسيب بن علس:
إذ تستبيك بأصلتي ناعم * قامت لتفتنه بغير قناع أي لتكشفه وتبرزه. وقوله " تضل بها من تشاء " معناه تضل بترك الصبر على فتنتك وترك الرضا بها من تشاء عن نيل ثوابك. ودخول جنتك، وتهدي بالرضا بها والصبر عليها من تشاء، وإنما نسب الضلال إلى الله لأنهم ضلوا عند أمره وامتحانه، كما أضيفت زيادة الرجس إلى السورة في قوله " فزادتهم رجسا إلى رجسهم " (5) وإن كانوا هم الذين ازدادوا عندها.
والمعنى تختبر بالمحنة من تشاء لينتقل صاحبه عن الضلالة، وتهدي من تشاء