قوله تعالى:
ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني فلا تشمت بي الاعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين (149) آية بلا خلاف.
قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر وابن عامر " ابن أم " بكسر الميم.
الباقون بالفتح والقراء كلهم على " تشمت " بضم التاء. وقرأ حميد الأعرج، ومجاهد " لا تشمت " بفتح التاء. واللغة الفصيحة بضم التاء من (أشمت) وقد ذكر: شمت يشمت، وأشمت يشمت.
أخبر الله تعالى في هذه الآية أن موسى حين رجع من مناجاة ربه رجع غضبان آسفا، لما رأى من عكوف قومه على عبادة العجل. والغضب معنى يدعو إلى الانتقام على ما سلف وهو يضاد الرضا، يقال: غضب غضبا وأغضبه إغضابا وغاضبه مغاضبة وتغضب تغضبا، والأسف الغضب الذي فيه تأسف على فوت ما سلف. وقال ابن عباس: أسفا يعني حزينا، وقال أبو الدرداء:
معناه شديد الغضب بدلالة قوله تعالى " فلما آسفونا انتقمنا " (1) ومعناه أغضبونا كغضب المتحسر في الشدة، وهو مجاز في الصفة.
وقوله تعالى " بئس ما خلفتموني من بعدي " معناه بئس ما عملتم خلفي، يقال: خلفه بما يكره وخلفه بما يحب إذا عمل خلفه ذلك العمل يقال: خلف خلفا، وأخلف إخلافا، وخالفه مخالفة، واختلف اختلافا، واستخلف استخلافا