وصرفه تصريفا، وتصرف تصرفا، وصارفه مصارفة، انصرف انصرافا.
وقوله تعالى " الذين يتكبرون في الأرض " والتكبر اظهار كبر النفس على غيرها، وصفة متكبر صفة ذم في جميع البشر، وهو مدح في صفات الله تعالى، لأنه يستحق اظهار الكبر على كل شئ سواه، لان ذلك حق، وهذا المعنى في صفة غيره باطل، فمعنى الآية الاخبار من الله انه يصرف عن ثواب آياته " الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها " يعني الذين إذا شاهدوا الحجج والبراهين لا ينقادون لها، ولا يصدقون بها " وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا " ومعناه انهم متى رأوا سبيل الصلاح عدلوا عنه، ولم يتخذوه طريقا لهم بمعنى انهم لا يعملون بذلك " وان يروا سبيل الغي.. " يعني وان يروا ضد الرشد من الكفر والضلال سلكوه وارتكبوا معصية الله في ذلك.
وقوله تعالى " ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا " يحتمل ذلك أن يكون في موضع رفع أي أمرهم ذلك، ويحتمل أن يكون نصبا أي فعلنا بهم ذلك، لأنهم تكبروا وكذبوا، ومعناه: أفعل ذلك بهم، يعني صرفي لهم عن ثواب الآيات الجزيل والمنزلة الجليلة.
ومن قال من المجبرة: ان الله تعالى يصرفه عن الايمان قوله باطل، لأنه تعالى لا يجوز ان يصرف أحدا عن الايمان، لأنه لو صرفه عنه ثم أمره به لكان كلفه ما لا يطيقه، وذلك لا يجوز عليه تعالى. وأيضا فان الله تعالى بين انه يصرفهم عن ذلك في المستقبل، جزاء لهم على كفرهم الذي كفروا، فكيف يكون ذلك صرفا عن الايمان!
وقيل: إن معنى الآية أي سأصرف عن آياتي، ولا أظهرها لهم كما أظهرتها للمؤمنين، ويريد بذلك المعجزات الباهرات، لعلمي بأن إظهارها مفسدة لهم يزدادون عندها كفرا، تبين ذلك في قوله تعالى " وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ".