التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٤٣
وقيل: معناه سأصرف عن إبطالها والطعن فيها بما أظهره من حججها، كما يقال: سأمنعك من فلان أي من أذاه، ذكره البلخي.
قوله تعالى:
والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون (146) آية بلا خلاف.
هذا إخبار من الله تعالى أن الذين كذبوا بآياته، جحدوا البعث والنشور في الآخرة. وهي الكرة الثانية، لأنه حقيق على من عرف النشأة الأولى ألا ينكر النشأة الأخرى، لان الذي قدر على الأولى، فهو على الثانية أقدر، كما أن من بنى دارا ابتداء، فهو على اعادتها أقدر.
وأصل اللقاء التقاء الحدين. ثم يحمل على الادراك، فيقال لما أدركه:
لقيه، فهؤلاء، كذبوا بادراك الآخرة استبعادا لكونها.
وقوله " حبطت أعمالهم " إخبار من الله تعالى أن من كذب بآياته وجحد البعث والنشور تنحبط أعماله، لأنها تقع على خلاف الوجه الذي يستحق بها المدح والثواب فيصير وجودها وعدمها سواء، والحبوط سقوط العمل حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل.
وأصل الاحباط الفساد مشتق من الحبط، وهو داء يأخذ البعير في بطنه من فساد الكلأ عليه، يقال: حبطت الإبل تحبط: إذا أصابها ذلك، وإذا عمل الانسان عملا على خلاف الوجه الذي أمر به يقال: أحبطه، بمنزلة من يعمل شيئا ثم يفسده.
وقوله " هل يجزون إلا ما كانوا يعملون " أي به، وصورته صورة الاستفهام والمراد به الانكار والتوبيخ، والمعنى ليس يجزون إلا ما كانوا يعملون إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست