التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٢٤
من بعد قوة أنكاثا " (1) وأصله النكاثة وهي تشعيب الشئ من حبل أو غيره.
وانتكث الشئ إذا تشعب والنكيثة نقض العهد، وجواب (لما) (إذا) ومثله قوله " وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون " (2) ولا يجوز أن يجاب بعد (إذ)، لأنها لوقت الماضي والجواب بعد الأول، يقتضي الاستقبال، ولذلك صلحت فيه الفاء ولم يصلح الواو، وحرف الجزاء يقلب الفعل دون الوقت.
قوله تعالى:
فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنه غافلين (135) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه بعد أن أظهر الآيات التي مضى ذكرها وفزع قوم فرعون إلى موسى ليسأل الله أن يرفع عنهم العذاب، فإنهم إذا رفع عنهم ذلك آمنوا، ففعل موسى، ورفع الله عنهم ذلك، ولم يؤمنوا ونكثوا ما عهدوا به من القول وأنه انتقم منهم، ومعناه سلب نعمهم بانزال العذاب عليهم وحلول العقاب بهم.
وقوله " فأغرقناهم في اليم " فالاغراق في الامر أو النزع، فهو مشبه بالاغراق في الماء. و " اليم " البحر في قول الحسن وجميع أهل العلم - قال ذو الرمة:
دوية ودجى ليل كأنهما * يم تواطن في حافاته الروم (3) وقال الراجز: كبازخ اليم سقاه اليم (4)

(١) سورة ١٦ النحل آية ٩٢.
(٢) سورة ٣٠ الروم آية ٣٦.
(٣) ديوانه: ٥٧٦ وتفسير الطبري ١٣ / ٧٤.
(٤) قائله العجاج ديوانه: ٦٣ ومجاز القرآن 1 / 277 وتفسير الطبري 13 / 75.
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»
الفهرست