وفي طبع كل حيوان الحكاية، وأقوى الحيوان طبعا في الحكاية القرد، وله حكايات عجيبة، وهذا الطلب منهم يدل على جهل عظيم من بني إسرائيل بعد ما رأوا الآيات التي توالت على فرعون وقومه حتى غرقهم الله في البحر بكفرهم بعد ما نجا بني إسرائيل، فلم يردعهم ذلك عن أن قالوا لموسى (ع) " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة " وتوهمهم أنه يجوز عبادة غير الله، وإن اعتقدوا أنه لا يشبه الأشياء ولا تشبهه، ولا يدل طلبهم ذلك على أنهم مشبهة، لما قلنا ه.
وقوله تعالى " إنكم قوم تجهلون " حكاية عما أجابهم به موسى (ع) فقال لهم: إنكم قوم تجهلون من المستحق للعبادة وما الذي يجوز أن يتقرب به إلى الله تعالى، ويحتمل أن يكون أراد تجهلون من صفات الله ما يجوز عليه وما لا يجوز.
قوله تعالى:
إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون (138) آية بلا خلاف.
في هذه الآية حكاية عما قال موسى (ع) لقومه حين سألوه أن يجعل لهم إلها بعد أن قال لهم " إنكم قوم تجهلون " ما يجوز أن يعبد وما لا يجوز وأنه أخبرهم " أن هؤلاء متبر ما هم فيه " يشير فيه إلى العابد والمعبود من الأصنام ومعناه مهلك، فالمتبر المهلك المدمر عليه، والتبار الهلاك، ومنه قوله تعالى " ولا تزد الظالمين إلا تبارا " (1) ومنه التبر للذهب سمي بذلك لامرين: أحدهما - أن معدنه مهلكة، وقال الزجاج: يقال لكل إناء متكسر متبر، وكسارته تبره.
وقوله تعالى " وباطل ما كانوا يعملون " فالبطلان انتفاء المعنى بعدمه،