ومن نصب جاء قوله على المعنى، لان المفرد يراد به الجمع، وهذا وجه قراءة ابن كثير لأنه أفرد (الريح) ووصفه بالجمع، فلا يكون (الريح) على هذا اسم جنس وقول من جمع الريح إذا وصفها بالجمع أحسن إذ الحمل على المعنى أقل من الحمل على اللفظ، ويؤكد ذلك قوله " الرياح مبشرات " (4) فلما وصفت بالجمع جمع الموصوف أيضا. فأما ما جاء في الحديث من أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقول إذا هبت ريح: (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) فلان عامة ما جاء بلفظ الرياح السقيا والرحمة، كقوله " وأرسلنا الرياح لواقح " (5) وقوله " ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات " (6) وقوله " الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء " (7). وما جاء بخلاف ذلك جاء على الافراد كقوله " وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم " (8) وقوله " وأما عاد فاهلكوا بريح صرصر " (9) وقوله " بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم " (10).
قال أبو عبيدة " نشرا " أي متفرقة من كل جانب، وقال أبو زيد:
انشر الله الموتى إنشارا إذا بعثها وأنشر الله الريح مثل أحياها، فنشرت الجنوب وأحييت، والدليل على ذلك قول المراد الفقسي:
وهبت له ريح الجنوب وأحييت * له ريدة يحيي المياه نسيمها (1) والريدة والريدانة الريح، قال الشاعر: