أحدهما - قال أبو علي: أراد بالهداية الدلالة وأضافه إلى نفسه دونهم، وإن كان قد هداهم أيضا، لأنه اهتدى دونهم.
وقال غيره: أراد به لطف لي ربي في الاهتداء.
و " إلى صراط مستقيم " قد فسرناه في غير موضع. وانه الطريق الموصل إلى ثواب الله من غير اعوجاج، وإنما قال " إلى صراط مستقيم " - ههنا - وقال في موضع آخر " ويهديك صراطا مستقيما " (4)، لأنه إذا ضمن معنى النهاية دخلت (إلى) وإذا لم تضمن لم تدخل (إلى) وصار بمعنى عرفني.
والأول بمنزلة ارشدني، وإنما كرر (مستقيم، وقيم) للمبالغة، كأنه قال:
هو مستقيم على نهاية الاستقامة. وقوله " ملة إبراهيم فالملة الشريعة وهي مأخوذة من الاملاء " كأنه ما يأتي به السمع ويورده الرسول من الشرائع المتجددة فيمله على أمته ليكتب أو يحفظ.
فأما التوحيد والعدل فواجبان بالعقل، ولا يكون فيهما اختلاف.
والشرائع تختلف، ولهذا يجوز ان يقال ديني دين الملائكة. ولا يقال ملتي ملة الملائكة. والملة دين، وليس كل دين ملة. وإنما وصف دين النبي صلى الله عليه وآله بأنه ملة إبراهيم ترغيبا فيه للعرب لجلالة إبراهيم في نفوسهم وغيرهم من أهل الأديان.
وقوله " حنيفا " معناه مخلصا لعبادة الله في قول الحسن. واصله الميل من قولهم: رجل أحنف إذا كان مائل القدم باقبال كل واحدة منهما على الأخرى من خلقة لا من عارض. وقال الزجاج: الحنيف هو المائل إلى الاسلام ميلا لازما لا رجوع معه. وقال أبو علي: أصله الاستقامة. وإنما جاء أحنف) على التفاؤل " وما كان من المشركين " يعني إبراهيم (ع) و " حنيفا " نصب على الحال من (إبراهيم) و " ملة أبيكم " نصب على المصدر - في قول الفراء - وقال الزجاج: هو بدل من قوله " دينا قيما ".