فعلها لم يؤمنوا، وذلك يبين أيضا فساد قول من يقول: يجوز أن يكون في معلوم الله ما إذا فعله بالكافر آمن، لأنه لو كان ذلك معلوما لفعله ولامنوا والامر بخلافه.
قوله تعالى:
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون (112) آية.
التشبيه في قوله " وكذلك " يحتمل أن يرجع إلى أحد أمرين:
أحدهما - أن يكون تقديره جعلنا لك عدوا كما جعلنا لمن قبلك من الأنبياء.
الثاني - جعلنا تمكين من يعادي الأنبياء وتخليتنا بينهم وبين اختيارهم كتمكين غيرهم من السفهاء. وإنما جعلهم أعداء على أحد معنيين:
أحدهما - بأن حكم بأنهم أعداء، وهو قول أبي علي.
الثاني - بأن خلى بينهم وبين اختيارهم ولم يمنعهم من العداوة.
ويجوز أن يكون المراد بذلك أن الله تعالى لما أنعم على أنبيائه بضروب النعم وبعثهم إلى خلقه وشرفهم بذلك، حسدهم على ذلك خلق، وعادوهم عليه، فجاز أن يقال على مجاز القول بأن الله جعل لهم أعداء كما يقول القائل إذا أنعم على غيره بنعم جزيلة فحسده عليها قوم وعادوه لأجلها: جعلت لك أعداء. وقيل المعنى أمرنا الأنبياء بمعاداتهم فكأنما جعلناهم أعداء الأنبياء.
وهذا القول من الله تعالى تسلية للنبي صلى الله عليه وآله في أنه أجراه مجرى غيره من الأنبياء، ولا يجوز على قياس ذلك أن يقول: جعلنا للكافر كفرا، لان فيه ايهاما.
وقوله " شياطين الإنس والجن " قيل في معناه قولان: