وأشباه ذلك، وليس هذا على * وجه الاقرار والاخبار والاعتقاد بذلك، بل على وجه المحاجة فيجعلها مذهبا ليرى خصمه المعتقد لها فسادها.
وكل هذه الآيات فيها تنبيه لمشركي العرب وزجر لهم عن عبادة الأصنام وحث على الاخذ بدين إبراهيم أبيهم وسلوك سبيله في النظر والفكر والتدين، لأنهم كانوا قوما يعظمون أسلافهم وآباءهم فأعلمهم الله تعالى ان اتباع الحق من دين أبيهم الذي يقرون بفضله أوجب عليهم إن كان بهم تعظيم الاباء والكراهة لمخالفتهم.
وفي الآية دلالة على أن معرفة الله ليست ضرورية، لأنها لو كانت ضرورية لما احتاج إبراهيم إلى الاستدلال على ذلك، ولكان يقول لقومه: كيف تعبدون الكواكب وأنتم تعلمون حدوثها وحدوث الأجسام ضرورة، وتعلمون ان لها محدثا على صفات مخصوصة ضرورة، وما كان يحتاج إلى تكلف الاستدلال والتنبيه على هذا.
وقوله " لئن لم يهدني ربي " معناه لئن لم يلطف بي ويسددني ويوفقني لإصابة الحق في توحيده " لأكونن من القوم الضالين " الذين ضلوا عن الحق وأخطأوا طريقه، فلم يصيبوا الهدى. وليس الهداية - ههنا - الأدلة، لان الأدلة كانت سبقت حال زمان النظر، فان التكليف لا يحسن من دونها ولا يصح مع فقدها.
وقوله في الشمس " هذا أكبر " يعني من الكواكب وحذف لدلالة الكلام عليه. وقوله " اني وجهت وجهي " معناه أخلصت عبادتي وقصدت بها إلى الله الذي خلق السماوات والأرض. وفيه اخبار عن إبراهيم واقرار منه واعتراف بأنه (ع) خالف قومه أهل الشرك، ولم يأخذه في الله لومة لائم، ولم يستوحش من قول الحق لقلة تابعيه. وقال لهم " اني برئ مما تشركون " مع الله - الذي خلقني وخلقكم - في عبادته من آلهتكم بل " وجهت وجهي " في عبادتي إلى الذي خلق السماوات والأرض الذي يبقى ولا يفني، الحي