والتأسي به وحرصا منه على تصحيح وتقويم عبادته، ثم رواية ذلك لخواصه وشيعته لاعتقاده بأن المعصوم لا يصدر منه إلا المعصوم وسنته هي سنة جده النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وهذا الذي دعاه إلى رصد الإمام ومراقبته والانتباه لتلك المواقف.
قال أبو حمزة: رأيت علي بن الحسين (عليهما السلام) يصلي فسقط رداؤه عن منكبيه، قال: فلم يسوه حتى فرغ من صلاته. قال: فسألته عن ذلك، فقال: ويحك! أتدري بين يدي من كنت؟ ان العبد لا تقبل منه صلاة إلا ما أقبل منها، فقلت: جعلت فداك هلكنا، فقال: كلا ان الله تعالى يتمم ذلك بالنوافل (1).
وفي موقف آخر، قال أبو حمزة: رأيت علي بن الحسين (عليهما السلام) في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي، فأطال القيام حتى جعل مرة يتوكأ على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى. ثم سمعته يقول بصوت كأنه باك: " يا سيدي تعذبني وحبك في قلبي؟ أما وعزتك لئن فعلت لتجمعن بيني وبين قوم طالما عاديتهم فيك " (2).
وقال أبو حمزة: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول في آخر وتره وهو قائم:
" رب أسأت وظلمت نفسي وبئس ما صنعت وهذه يداي جزاء بما صنعتا ".
قال: ثم يبسط يديه جميعا قدام وجهه ويقول: " وهذه رقبتي خاضعة لك لما أتت ".
قال: ثم يطأطأ رأسه ويخضع برقبته ثم يقول: " وها أنا ذا بين يديك فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى لك العتبى لا أعود لا أعود لا أعود " قال:
وكان والله إذا قال: " لا أعود " لم يعد (3).
وقال أبو حمزة: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا سافر صلى ركعتين ثم ركب راحلته وبقي مواليه يتنفلون فيقف ينتظرهم، فقيل له: ألا تنهاهم؟ فقال: إني أكره أن أنهى عبدا إذا صلى والسنة أحب إلي (4).